19 نوفمبر

مواقع توهم الضحايا ببيع بيانات الأفراد بـ3.6 درهم

تعرض مواقع إلكترونية خدمات وهمية تتمثل ببيع بيانات الأشخاص من مختلف دول العالم وحتى سكان الإمارات مقابل مبلغ مالي، ليكتشف الضحية لاحقاً أنه يتعامل مع منصات هدفها الاحتيال أو تتجاوز القانون بالكشف عن معلومات خصوصية حول الأفراد.

وتختلف متطلبات تلك المواقع فيما بينها فمنها ما يطلب إدخال بيانات البطاقة البنكية لسحب مبلغ مالي معين للسماح بالبحث عن بيانات الشخص، وآخر يطلب السماح بالاطلاع على بيانات الهاتف الذكي كأرقام الهواتف والمعلومات المسجلة عليه.

ورصدت «الرؤية» مواقع إلكترونية وهمية تروج لنفسها عبر حسابات التواصل الاجتماعي وتدعي أنها قادرة على توفير معلومات عن أي شخص حول العالم، وذلك بمقابل مادي متفق عليه بين أغلب المواقع يبلغ 3.6 درهم للبحث 5 مرات عن 5 أشخاص مختلفين، أو اشتراك شهري يبلغ قيمته نحو 84 درهماً.

من جهتها، أكدت هيئة تنظيم الاتصالات أن هناك العديد من التطبيقات والمواقع الإلكترونية الأجنبية التي تدعي تقديم مثل هذه الخدمات بشكل مجاني أو بمقابل مادي.

وبسؤالنا لها عن كيفية حصول تلك المواقع والتطبيقات على بيانات الأشخاص أوضحت أنها تقوم بجمع البيانات من مصادر مختلفة، وقد يساهم مستخدمو هذه المواقع والتطبيقات في تحميل هذه البيانات وذلك بموافقتهم بمشاركة بيانات الهاتف الذكي عن طريق مشاركة بيانات الاتصال أو الـ Address Book الخاص بهم.

بدورهم، أوضح خبراء تقنيون أن هذه المواقع تعد انتهاكاً للخصوصية حيث إن أغلبها يبيع المعلومات من خلال الإنترنت المظلم “الـdeep web” غير القانوني أو غير المصرح بالتعامل معه خاصة داخل الدولة.

تجربة عملية

وفي تجربة عملية لـ«الرؤية» تواصلنا مع أحد تلك المواقع الإلكترونية التي تدعي توفير بيانات الأشخاص في الإمارات والعالم مقابل مبلغ مادي، وطلب الموقع تسجيل بيانات البطاقة البنكية من أجل تحصيل مبلغ 3 دراهم مقابل الحصول على بيانات لخمسة أشخاص، وبعد إدخال بيانات البطاقة وحسم المبلغ، قدم الموقع إمكانية البحث عن بيانات الأفراد الذين نريد معرفة معلومات أكثر عنهم عبر وضع رقم الهاتف أو البريد الإلكتروني أو الاسم الثلاثي، وفعلاً تم تجربة البيانات جميعها للبحث عن أشخاص معينين داخل الدولة، ولكن لم يمنحنا الموقع أي نتائج أو بيانات عن هؤلاء الأشخاص، لنكتشف أن الخدمة وهمية وتم حسم المبلغ دون أي معلومات في المقابل.

ويوفر الموقع بريداً إلكترونياً للاستفسارات ولكن لم يتم التجاوب مع أي رسالة تم إرسالها إليهم، وكذلك الأمر بالنسبة لرقم الهاتف المتوفر للتواصل مع المشرفين على الموقع، علماً بأن رقم التواصل يخص دولة خارج الإمارات.

حجب المواقع

وعن جهود هيئة تنظيم الاتصالات في الحد من انتشار تلك المواقع داخل الدولة بينت أنه يتم حجب المواقع والتطبيقات التي تتعدى على خصوصية الأفراد مثل الكشف عن هوية أصحاب الأرقام تبعاً للقوانين والسياسات المعمول بها في الدولة.

ونصحت الهيئة سكان دولة الإمارات من المواطنين والمقيمين الالتزام بعدم زيارة أو استخدام هذه المواقع والتطبيقات حتى لو كانت مجانية فهناك مخاطر عديدة منها الحصول على بيانات عنهم وعن أصدقائهم أو معارفهم وكشفها للغير.

وأكدت ضرورة التأكد عند تنزيل أي من هذه التطبيقات الذكية حول الصلاحيات التي يطلبها، والموافقة على الصلاحيات التي يحتاجها التطبيق لأداء وظيفته.

وأوصت جميع المستخدمين بتثبيت التطبيقات المعروفة والابتعاد عن التطبيقات المشبوهة أو التطبيقات من خارج المتاجر (Apple / Google).

ودعت الهيئة إلى ضرورة إبلاغها عن طريق قنوات الاتصال المختلفة مثل مركز الاتصال أو الموقع الإلكتروني أو تطبيق الهيئة أو وسائل التواصل الاجتماعي حول مثل هذه الخدمات لأخذ الإجراءات المناسبة حيالها.

اختراق الخصوصية

وقال مسؤول التواصل الرقمي في هيئة تنظيم الاتصالات ياسر بن محمد إن المشكلة تكمن في أنه عند تحميل مثل هذه التطبيقات أو الولوج لتلك المواقع يطلب من المستخدم الموافقة والسماح لها بنسخ كافة بيانات الهاتف كأرقام التليفونات والبريد الإلكتروني وغيرها من البيانات كخطوة لاستكمال التسجيل.

وأكد أنها تصنف كاختراق للخصوصية حيث إن أغلبها يبيع بيانات ومعلومات الأشخاص، مبيناً أنه عندما تتم عملية بيع البيانات تكون بمئات الآلاف حيث إن مشتري تلك المعلومات غير مهتم بالشخص نفسه ولكن يسعى لتكوين قاعدة بيانات لعدد مهول من الأشخاص ليستطيع الترويج لنفسه.

وأوضح أن أغلب هذه المعلومات يتم بيعها من خلال الإنترنت المظلم “الـdeep web” غير القانوني وغير المصرح بالتعامل معه خاصة داخل الدولة، حيث يسمح ببيع معلومات الشخص الواحد مقابل 4 سنتات، أي أن الدولار الواحد الأمريكي يستطيع أن يشتري معلومات 25 شخصاً، وهي تسعيرة عالمية متفق عليها ومتداولة.

وبين أن الشركات التي تبادر بشراء معلومات الأشخاص تستخدمها في الترويج لحملاتها الإعلانية عن طريق إرسال رسائل عشوائية أو إعلانات، وأحياناً يتم إرسال روابط مشبوهة أو روابط لاختراق الهواتف وأجهزة الكمبيوتر.

 

نسخ جهات الاتصال

وذكر مستشار أمن معلومات وخبير تحليل وتطوير أداء الأفراد سامي عبدالنور أن لهذه المواقع محركاً خاصاً بالبحث عن الأشخاص، وبمسمى آخر هي دليل هاتف إلكتروني تم تطويره بعد أن كان ورقياً تجده عند كل هاتف عمومي وكذلك في الفنادق مثلاً، وتستطيع أن تدرج رقمك فيه بمبلغ رمزي، ويوجد دليلان، دليل فردي، ودليل الشركات.

سامي عبد النور.

وأوضح أن ذلك كان قبل وصول غوغل إلى ما هو عليه الآن، فبناء عليه تطور الأمر إلى أن يكون عبر تطبيقات تعمل بتقنية متقدمة، ليس بالتسجيل، بل بنسخ جهات الاتصال لدى جميع من ينزل التطبيق ووضع أسمائهم وأمثلة على هذه التطبيقات هي real caller و«دليلي».

وأوضح أنه عندما يقوم الشخص بتنزيل مثل هذه التطبيقات تأخذ جميع جهات الاتصال الخاصة به، ومن ثم تأخذ الأسماء المسجلة وتضعه في التطبيق، وكذلك بقية البيانات الأخرى.

جمع المعلومات

وبين عبدالنور أن أغلب الأشخاص يحمّلون هذه التطبيقات للتعرف على من يتصل بهم قبل التحدث إليه، وكذلك الوصول إلى أرقام أشخاص معينين، وهذه هي الطريقة التي تجمع بها هذه التطبيقات الأسماء والبيانات وكذلك تقوم بشراء بيانات تبيعها الشركات، حيث تقوم بعض الشركات ببيع بيانات عملائها بمقابل مادي.

وقال: يوجد في سوق التطبيقات الآن تطبيقات دليل شخصية وتطبيقات دليل احترافية مهنية للبحث عن تفاصيل عمل الأشخاص.

وفيما يتعلق بالمواقع وليست التطبيقات أردف: لا أنصح بها إن كنت ترغب بالاشتراك في خدمة معينة فاستخدم خدمات معروفة وقوية، إذ إن هذه المواقع ليست قوية البتة ولا تستحق الإنفاق فيها، كما وربما توجد مواقع محتالة.

وبسؤالنا عن كيفية حماية بيانات الأشخاص قال: لا تقم بمشاركة بياناتك أكثر من اللازم مع الشركات، لكي تتفادى بيعها، متسائلاً ألم تفكر يوماً لماذا شركات العقار تتصل بك بكثرة؟ مبيناً أن السبب وراء ذلك هو أن الشخص قام بتسجيل بياناته لدى إحداها وقامت ببيعها للجهات الأخرى، لذلك الخطوة الأولى هي عدم التسجيل في المواقع بشكل عشوائي، والخطوة الثانية عدم منحها بيانات أكثر مما يجب.

 

بيع قواعد البيانات

وأكد أخصائي تقنية معلومات المهندس أحمد الزرعوني أن هذه التطبيقات والمواقع تعد اختراقاً للخصوصية، وإن وجدت داخل الدولة يجب الإبلاغ عنها على الفور لغلقها والحفاظ على بيانات معلومات المواطنين والمقيمين.

 

وذكر أن أغلب الشركات والمؤسسات تبيع قاعدة البيانات التي لديها بمقابل مادي.

وحذر من التطبيقات والمواقع التي تطلب من المستخدم السماح لها بنسخ جهات الاتصال، لافتاً إلى أن هناك عدة دول تصرح بمثل هذه الممارسات لأن قانونها يكفل أصحاب هذه المواقع والتطبيقات.

اترك رد