11 أكتوبر

رصد أول حالة انقطاع عن العمل بسبب هوس الألعاب الإلكترونية

رصدت جمعية الإمارات للإنترنت الآمن أولى حالات انقطاع شباب عن العمل بسبب هوس الألعاب الإلكترونية.

من جانبهم، رأى خبراء ومختصون أن إدمان الألعاب الإلكترونية بين الشباب، وإن لم يصل إلى الانقطاع عن العمل، فإنه يقلل من الإنتاجية بمعدل 40% ويزيد من الوقت التالف مما ينعكس على تراجع مستوى الموظف على صعيد شخصي وأدائه في العمل.

بدوره، يخصص المركز الوطني للتأهيل حالياً جزءاً من أبحاثه حول تأثيرات الإدمان على جيل الشباب والأطفال فيما يخص الاضطرابات الناتجة عن الألعاب الإلكترونية، إضافة إلى دراسة طرق علاج مبتكرة لتلك الحالات والتوعية بين طلبة المدارس والجامعات.

تراجع وظيفي

وتفصيلاً، كشف لـ«الرؤية» رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للإنترنت الآمن الدكتور مهندس عبدالله المحياس، أنه تم رصد إحدى حالات الإدمان على الألعاب الإلكترونية لشاب تخرج بأعلى الشهادات من الولايات المتحدة الأمريكية وكان متفوقاً في دراسته وبعد تعيينه في وظيفة مرموقة أثرت الألعاب الإلكترونية على أدائه الوظيفي لدرجة انقطاعه بشكل كامل عن العمل.

وتابع المحياس: «في البداية كان الشاب البالغ من العمر 25 عاماً يتأخر عن دوامه الحكومي بسبب قلة ساعات نومه التي تراوحت من ساعة إلى 4 ساعات، حتى وصل إلى عدم الدوام في العمل نهائياً بسبب هوسه بالألعاب الإلكترونية».

وأكد أن الجمعية تستهدف خلال الفترة المقبلة إنشاء عيادة الإدمان الإلكتروني من الإنترنت لمعالجة مثل تلك الحالات عند الشباب والحد من التأثيرات السلبية على مستقبلهم الوظيفي، متوقعاً أن تلاقي تلك العيادة إقبالاً كبيراً.

وأشار إلى أن هناك شريحة من الشباب والأطفال يقضون أكثر من 8 ساعات يومياً على الإنترنت، ما يشكل خطورة لاسيما على الأطفال من عمر 4 إلى 18 عاماً.

وبيّن المحياس أن الجمعية ستطرح برنامجاً خلال الأيام القليلة المقبلة مع وزارة التربية والتعليم لتوعية طلبة المدارس بمخاطر استخدام الإنترنت.

دراسة شاملة

من جانبه، ينفذ المركز الوطني للتأهيل دراسة شاملة تخص الاضطرابات الناجمة عن الإدمان الإلكتروني على الألعاب، ودراسة قياس مدى الإدمان الرقمي ودوافعه لمن هم دون سن الـ18 ليتم تقديم حلول تضاف إلى جهود التوعية.

وأوضح المركز أنه يتم التركيز في الدراسة الحديثة على علامات تستطيع الأسرة أن تلاحظها على الطفل أو الشاب الذي ينساق نحو الإدمان الإلكتروني لاسيما الظواهر السلوكية، وبشكل خاص ظاهرة الاضطرابات الناجمة عن استخدام الإنترنت والألعاب الإلكترونية، والتي تم إدراجها من قبل منظمة الصحة العالمية كأحد الاضطرابات النفسية والسلوكية في الدليل العالمي لتشخيص الأمراض النفسية.

انخفاض الإنتاجية

وذكر خبير تحليل وتطوير أداء الأفراد والمؤسسات وخبير أمن المعلومات المستشار، عبدالنور سامي، أن استخدام الألعاب أثناء أداء الوظيفة مرحلة خطرة ومتقدمة من ضعف الإنتاجية وعدم الارتباط بالعمل، مما يؤدي إلى انخفاض الأداء وتلك معضلة كبرى ومكلفة اقتصادياً.

وأضاف أن الإمساك بالهاتف أو الانشغال بأي ملهيات أخرى يقلل من الإنتاجية بمعدل 40% تقريباً، بالإضافة إلى استخدام لعبة تتطلب التركيز بشكل مستمر، ما يؤدي مع مرور الوقت إلى تراجع مستوى الموظف على الصعيد الشخصي وفي أداء مهام عمله أيضاً.

ولفت سامي إلى أنه يجب وضع إرشادات واضحة ضمن تعليمات العمل بالبعد عن الملهيات والأمور الجانبية، خاصة في مراكز خدمة العملاء التي تتطلب فاعلية عالية.

وعن إدمان الألعاب الإلكترونية، قال: «العقل لا يفرق بين الواقع والخيال فمثل هذه الألعاب تغدو واقعاً للإنسان وتشكل ضغطاً عصبياً هائلاً يتطلب من العقل تركيزاً عالياً مع سكون الجسم وعدم استفادته من هذه الحركة الوهمية ومن ثم تصبح عادة يُبرمج عليها الجسد وتسود الإنسان حالة من الاضطراب والقلق المستمر إذا لم يلعب اللعبة».

انفصال عن الواقع

وأوضحت الباحثة الاجتماعية سحر خوري أن الألعاب الإلكترونية على وجه الخصوص تجذب الإنسان للتعلق بها بسبب المؤثرات المصاحبة لها والتي تجعلها أقرب إلى الواقع، فيتعلق بها العقل ويندمج لينفصل عن الواقع حين يستخدمها ولو لحظات.

وأضافت أن الانفصال عن الواقع حتى وإن كان لمدة قصيرة لا تتجاوز الثواني يمنح اللاعب متعة وسعادة، الأمر الذي يجعله يضاعف ساعات اللعب لإبعاد تفكيره عن الحياة التي يعيشها في عالم يمنحه فرصاً غير معدودة ويجعله هو المتحكم بمسار الشخصية التي يلعبها أو الحركة التي يؤديها.

وأفادت بأن سهولة الحصول على الألعاب وتنزيلها على الهواتف المحمولة وإمكانية اللعب دون الاتصال بالشبكة ضاعفت من وقت استخدامها وخلقت لدى الإنسان نمطاً يعتاد عليه ويجعله متعلقاً به.

بطالة مقنعة

وبينت الأخصائية التربوية رجاء خضير أن مسببات الإدمان والتعلق المرضي بالأشياء أصبحت أكثر شيوعاً في الوقت الحالي بسبب الاعتماد على التكنولوجيا في كل تفاصيل الحياة اليومية، واستخدامها لفترة طويلة تعلقاً بها وانطواء عن الواقع الذي نعيش فيه.

وأردفت أن هذا الأمر شكل من البطالة المقنعة بوجود موظفين مشغولين بأشياء خارج نطاق عملهم وأبرزها إدمان الألعاب الإلكترونية، كما يعاني آخرون من عدم استغلال جهة العمل لقدراتهم بحيث لا يتم توظيفها لخدمة العمل، ما يجعلهم أقل إنتاجية وطموحاً.

وقالت: «بعض الموظفين اليوم يلجؤون إلى الألعاب الإلكترونية حتى في أوقات الاستراحة، بينما كان هناك قديماً تواصل في بيئة العمل للحديث قبل أن تخلق الهواتف الذكية لكل شخص عالماً خاصاً يعيش فيه بسبب سهولة الوصول إلى أدوات التسلية الذكية، بينما كان الإنسان سابقاً يلجأ إلى الكتب والموسيقى للتسلية».

وأوضحت أن الحل يكمن في الإنسان نفسه بأن يكون على دراية ووعي بأن الحبس الاختياري الذي يعيش فيه سيؤدي بالضرورة إلى الانعزال والانطوائية، وهذا لن يتكشف في الوقت الحالي بل ستظهر نتائجه لاحقاً بعد مرور سنوات حين يكتشف حقيقة أنه بلا أصدقاء ودون محيط اجتماعي يمكنه التواصل والتفاعل معه، فيصبح أمام خيارين، إما الغرق أكثر في هذه التقنية والتطورات التي تطرأ عليها وما يرافقها من اكتئاب أو محاولة العلاج من هذا الأمر بالخروج إلى المحيط المقرب.

برنامج مع «التربية» لتوعية الطلبة بمخاطر استخدام الإنترنت

يستضيف المركز الوطني للتأهيل في نوفمبر المقبل الاجتماع الـ7 لمنظمة الصحة العالمية لبحث ودراسة البرامج العلاجية والسلوكية لبعض أمراض الإدمان الحديثة والمتعلقة بالألعاب الإلكترونية والمغامرة، حيث من المتوقع أن يتم التنسيق مع الخبراء لإنهاء الإجراءات اللازمة لتشخيص الأمراض السلوكية وأنواع التداخلات العلاجية التي تمت دراستها على مستوى العالم تمهيداً للبدء في تجربتها على المرضى.

اترك رد