30 أبريل

حظر «ببجي» أمام «الوطني الاتحادي» والشباب: الحجب يزيد أعداد اللاعبين

يناقش المجلس الوطني الاتحادي، غداً الثلاثاء، حظر الألعاب الإلكترونية الخطرة في الإمارات، وفي مقدمتها لعبة «ببجي»، بناء على سؤال عاجل من رئيسة لجنة التربية والتعليم في المجلس ناعمة الشرهان، إلى الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات لحجب تلك الألعاب الخطرة فورياً، فيما اعتبر شبان وشابات من ممارسي اللعبة أن حظرها ليس حلاً لتطويق آثارها السلبية المفترضة، مؤكدين أن قرار الحظر سيحمل أثراً عكسياً ويثير فضول من لم يجربها، ويزيد إصرار مستخدميها على متابعتها.

وقالت رئيسة لجنة التربية والتعليم في المجلس ناعمة الشرهان، إن العديد من البرلمانات في المنطقة طلبت حظر «ببجي»، وتمت الاستجابة الفورية لها، ومنها البرلمان الهندي والعراقي.

ولفتت إلى خطورة اللعبة من الناحية النفسية، وتنميتها للعدوانية والعصبية لدى الأطفال، فضلاً عن زيادة معدل الكهرباء في مخ الطفل.

ورأت أن لعبة «ببجي» تهدر أوقات الطلبة، لا سيما أن البعض يستخدمها حتى داخل الفصل الدراسي، مشيرة إلى تأثيراتها الاجتماعية السلبية، وعلى رأسها غياب الحوار داخل البيت، وفتحها الباب لعلاقات غير مرغوب فيها بين الجنسين.

وأوضحت الشرهان، أن المواظبة على اللعبة تتسبب بمشكلات مجتمعية، منها العنف إلى حد ممارسة القتل.

وأكدت تلقيها شكاوى من أولياء أمور تبيّن أن أقل أضرار «ببجي» استنزاف جيوبهم وأوقات أبنائهم.

وقال خبير ومستشار أمن المعلومات عبدالنور سامي، إن الألعاب التي على غرار «ببجي» تجذب الشباب بسبب تصميمها الذي بُنيت عليه في عدم تحديد نهاية واضحة لمراحل اللعبة، فهي في تحديث وتطور مستمر، ما يثير فضول اللاعبين ويحفزهم للتنافس، إذ بنيت على أساس ربحي وتجاري بحت.

ورأى أنها، كغيرها من الألعاب، لا تولد العنف من العدم، بل تسبب تبلد المشاعر والبرود تجاه ما يحدث حول الشخص، لافتاً إلى أن العنف مصدره السلوك الذي ينبع من الأخلاقيات والمبادئ والبيئة المحيطة والعوامل الوراثية.

وأفاد بأن ألعاب القتل التي ترتكز على مفهوم الانتصار بالقضاء على الآخر، مثل «ببجي» و«فورتنايت» وغيرهما من الألعاب القتالية التي ترتكز على الحركة واستخدام المعدات، هي الأكثر تطوراً عن بقية الألعاب الإلكترونية، ويعمد مبتكروها إلى تحديثها وجعلها تحاكي الواقع من ناحية الغرافيكس.

وعن فكرة حجب اللعبة في بعض البلدان، أوضح سامي، أن الحظر ليس حلاً نهائياً يحمي الشباب، لأنهم ببساطة يستطيعون الالتفاف على الحجب عن طريق وسائل تقنية عدة مثل أي مواقع محظورة أخرى، ولأنه سيزيد شريحة من الشباب إصراراً على تجربة اللعبة أو الاستمرار بها، كما سيحفز التنافسية لتظهر أنواع أخرى من الألعاب.

وشدد على أن خطر «ببجي» الرئيس يكمن في خاصية التحدث الصوتي التي تتيحها، إذ تعدى التواصل بين اللاعبين حدود التسلية واللعب، ليصبح في بعض الأحيان مدخلاً لاختراق فكر الشباب، وغسيل الأموال، إلى جانب وقوع حوادث تحرش بالأطفال، واختراق حرمات البيوت.

وتحدث عن الأساليب التي يتبعها بعض مستغلي اللعبة لمآرب سلبية، مثل الاحتيال على الأطفال واستدراجهم بشكل غير مباشر عبر تزويدهم بمعدات في اللعبة، أو أرصدة لحساباتهم في اللعبة أو «الستور» مقابل تصوير وإرسال مقاطع شخصية أو عائلية، ما يجعل الطفل غير مدرك لحدود تصرفاته ويفعل ما يمليه عليه المتحرش في اللعبة كجزء من التسلية والرغبة في المنافسة.

مشاركة التسلية

واعتبر شباب وشابات، استطلعت «الرؤية» آراءهم، أن الحل الحقيقي يكمن في التوعية الأسرية والمجتمعية لمبدأ التعلق بالألعاب الإلكترونية على اختلافها، وليس للعبة واحدة فقط دون سواها.

ورأوا أن «ببجي» جاذبة بسبب طريقة اللعب التي تتيح لمجموعة المشاركة ضمن فريق واحد إلى جانب خاصية التحدث الصوتي، ما يجعلهم يتشاركون التسلية والحماسة أثناء اللعب.

آثار صحية

«لا فرق بين الذكور والإناث في ساحات ببجي»، هذا ما أكدته الشابة غنى طارق التي تعلقت باللعبة منذ فترة وأصبحت جزءاً من فريق لاعبات كونته مع صديقاتها، مؤكدة أن دافعها التسلية وملء أوقات الفراغ.

وأضافت «منذ تعرفت إلى اللعبة أصبحت جزءاً من حياتي اليومية، وأقضي ساعات طوال حتى أتقنتها، إلا أنها تسببت بإصابتي المتكررة بالصداع والتشوه البصري فقررت تقليص وقت اللعب قدر الإمكان».

وجذبت «ببجي» الشاب بسبب الجماهيرية الواسعة التي رافقتها منذ إطلاقها، لكنها، جردته من الإحساس بالوقت، حسب قوله، ما جعله يقضي ساعات متواصلة في اللعب، أدت إلى إصابته بمشكلات صحية، وتعطيل الدراسة، فانتهى إلى قرار حذفها من هاتفه.

صداقات حول العالم

وكوّنت بيسان محمد، صداقات كثيرة في ساحات قتال «ببجي» التي مكنتها من التواصل مع صديقاتها في مختلف أنحاء العالم، مؤكدة أن أهم ميزات اللعبة تقليص المسافات مع الآخرين، ليصبحوا ضمن فريق واحد يتشاركون لعبة واحدة.

وقالت إن خطر الألعاب والأجهزة الإلكترونية واحد بسبب الشائعات الصادرة وما تسببه من آثار صحية بسبب سوء الاستخدام أحياناً، إلا أنها وبحسب تجربتها، تمكنت من تنظيم وقتها بشكل جيد لتحقق التوازن بين الوقت الذي تقضيه يومياً مع أسرتها وتحضير دروسها والزمن الذي تقضيه في لعب «ببجي».

ويقضي الشاب حمدان المنصوري، وقتاً مسلياً مع اللعبة لأنها، حسب قوله، تتيح له التعرف إلى الآخرين من مختلف أنحاء العالم، رافضاً تصنيفها لعبة خطرة على الشباب .. لكنه استدرك وأقرّ، في الوقت ذاته، بإمكانية أن تكون اللعبة خطرة على الأطفال الذين قد يتم استغلالهم أو أذيتهم من خلالها، ما يستوجب على الأسر تشديد الرقابة عليهم.

ورأى الشاب محمد الحمادي، أن ثمة مبالغة في منع اللعبة أو حظرها، لأن الشباب يقبلون عليها للتسلية فقط، معتقداً بعدم وجود رابط بين اللعبة والأحداث الدامية التي شغلت العالم من أعمال عنف، فهي صادرة عن الأفراد أنفسهم وليس عن اللعبة.

دوامة المراحل المتقدمة

ووصف محبو لعبة «ببجي»، أنفسهم بـ «المدمنين»، لذلك يطالبون الجهات المعنية بحظر اللعبة داخل الدولة، معتبرين أنها طريقة مجدية للتخلص من تعلقهم بها، إذ صنفها الشاب نهيان خالد، باللعبة الخطرة، مطالباً بحجبها على الرغم من قضائه أكثر من أربع ساعات يومياً في اللعب مع أصدقائه.

ويستهلك الشاب حمدان المنصوري، أكثر من سبع ساعات لعب يومياً مع «ببجي»، ويؤيد فكرة حجبها، لأنها تدخل الشخص في دوامة الوصول إلى مراحل متقدمة من دون وجود نهاية واضحة للعبة، إلى جانب التحديثات المستمرة التي تجبر اللاعب على التعلق بها.

ونفى الشابان، في الوقت ذاته، أن تكون اللعبة منبراً لتصدير العنف، مؤكدين أنها وسيلة تسلية لقضاء أوقات الفراغ لا أكثر.

لاعبون في السر

حاول أهالي طلبة وشبان منع أبنائهم من لعب «ببجي»، وأجبروا أبناءهم على مسح التطبيق من الهواتف الذكية، إلا أن بعض الشبان تمكنوا من خرق المنع العائلي وواصلوا اللعب مع أصدقائهم في الخفاء.

وأقرّ الشاب حسين خالد، بأن والده منعه من الاستمرار في لعب «ببجي» بسبب ما تداوله الإعلام عن خطرها وآثارها السلبية، فالتزم لفترة ثم عاد أخيراً ليلعبها مع أصدقائه، مؤكداً أنه لا خطر منها، وأن الوعي هو الذي يتحكم بمدى تأثر الشخص بما يرى من أفلام أو يمارس من ألعاب.

وأوضحت الشابة لميس محمد، أنها تلعبها منذ أشهر في الخفاء عن أسرتها، وأن إخوتها الذكور يعتبرون أن «ببجي» «لعبة شباب»، الأمر الذي جعل والديها يحذرانها منها وجعلها أكثر فضولاً للتعرف إليها وتجربتها، وهي اليوم تلعب بشخصية مستعارة لأكثر من ثلاث ساعات يومياً.

خطر نفسي واجتماعي

وحذر اختصاصيون نفسيون واجتماعيون وأولياء أمور من خطر انتقال لعبة «ببجي» القتالية من العالم الافتراضي إلى أرض الواقع بعد تجسيدها في ساحة حقيقية يتبارى فيها اللاعبون بأحد البلدان العربية.

وأكد رئيس اللجنة الإعلامية في جمعية توعية ورعاية الأحداث، الدكتور الخبير جاسم ميرزا، خطأ التذرع بتفريغ طاقات الشباب والتنفيس عنهم لحمل سلاح في اليد ولعب «ببجي» واقعياً، مبيناً أن الأمر سيشجع أكثر على العنف وتعلمه.

وأشار إلى استقباله، باعتباره معداً لبرنامج «لمن يهمه الأمر»، العديد من الاتصالات عن حالات عنف حدثت بتأثير لعبة «ببجي»، ومنها حالة لمراهق في بلد عربي تعدّى على زميله بنفس الأسلوب المستخدم في اللعبة، وتبيّن لاحقاً أنه من مدمنيها.

كما أفاد بتلقي شكاوى من أولياء أمور لاحظوا تغيرات كبيرة في سلوك أبنائهم بعد دخولهم عالم «ببجي»، وتدني مستواهم الدراسي، وميلهم للغضب السريع والعنف والعدائية.

ودعا ميرزا، الأهالي إلى إشراك الأبناء في أندية رياضية أو فنية بدل هدر وقتهم في لعبة ستؤثر سلباً في مستقبلهم.

كسر حاجز الرهبة

وحذّر الاستشاري النفسي الدكتور نادر ياغي، من خطر نقل اللعبة إلى الأرض، مؤكداً أن استغلال مستثمرين شغف الشباب للمغامرة بهدف كسب الربح المالي سيؤسس لجيل عنيف يتباهى بحمل السلاح.

وبيّن أن تجسيد اللعبة في ساحات واقعية يكسر حاجز الرهبة من استخدام السلاح وتوجيهه نحو الآخرين، موضحاً أن الأطفال، حتى عمر تسعة أعوام، يقلدون ما يرونه من دون تفكير لعدم امتلاك الطفل القدرة على التفكير والاستيعاب وفهم أبعاد الموضوع.

تقنين الاستخدام

ودعا باغي، الأهالي إلى عدم إجبار الأبناء على التخلي عن اللعبة، والاكتفاء بتقنين استخدامها، مع ضرورة التدخل عند ملاحظة أي تغيير على سلوكهم وتحصيلهم العلمي.

وحذّر من خطر اجتياح الألعاب الإلكترونية عالمنا وتقاليدنا، مشيراً إلى وجود ألعاب لم تنتشر في مجتمعاتنا بعد تحض على سلوكيات مرفوضة لدينا.

إيجابيات قليلة

وشددت نائب مدير جمعية الإمارات لحماية الطفل موزة الشومي، على أن السماح للأطفال بحمل الأسلحة ومحاكاة المعركة الإلكترونية سيجذب الأطفال أكثر إلى الدخول في عوالم تؤثر في تفكيرهم وسلوكهم مستقبلاً.

وأوضحت أنها مارست اللعبة لتتمكن من تحليلها وإبداء رأيها بشكل علمي، فوجدت أنها تقوم على أساس الهروب من الواقع الحقيقي إلى عالم افتراضي يجد فيه اللاعب نفسه، ويحقق ذاته، ويفرغ طاقاته الكامنة، ويشبع معها غرائزه، بحيث يقضي على خصومه قتلاً وتدميراً وسفكاً للدماء وانتقاماً من الآخرين، مع إيجابيات قليلة تتمثل في الحث على تقديم الدعم للأصدقاء.

مجانية مقابل الأموال

وتطرقت موزة الشومي إلى الجانب المالي في اللعبة «المجانية» التي تستنزف أموال مستخدميها أو ذويهم عبر عرض شراء ملابس ومعدات افتراضية بأموال حقيقية.

وأشارت إلى أن اللعب يتطلب التعرف إلى لاعبين آخرين والاختلاط ربما مع أعمار وثقافات لا تتناسب مع أعمار الأطفال والمراهقين، ما يجدر معه الحذر من مخاطر تعرض الابن للاستدراج والابتزاز.

واستشهدت بحالات أبناء تعرضوا للابتزاز من أشخاص يشاركونهم ألعاباً إلكترونية، مطالبة الأهالي بتشجيع أبنائهم على مصارحتهم وبناء علاقات جيدة وقوية معهم لحمايتهم وإنقاذهم من هكذا مواقف.رضا البواردي، إخلاص شدود، دانية الشمعة ـ أبوظبي، دبي

اترك رد