08 سبتمبر

الاحتيال الإلكتروني وجه مظلم لكورونا

تحقيق: جيهان شعيب

في الأزمات تتجلى معادن البشر، هذه قاعدة أكيدة؛ لكن النوائب كما تُظهر ما قد يكون ذهباً، كذلك تكشف عمّا هو صدئ، لا قيمة له، وفيها تتجلى الحقائق، وتنكشف أكاذيب المخادعين، تحديداً، الذين يلجأون إلى تبديل وتغيير مخططاتهم وأساليبهم؛ لمجاراة ما يرافق معطيات الأزمة هذه أو تلك، وهنا يكمن بيت القصيد.

فمع نائبة «كورونا»، وما رافقها من تدابير احترازية ووقائية، وتوجيهات للجميع بالتزام بيوتهم؛ خشية الإصابة بالفيروس، مع تقليص رواتب البعض في ضوء توقف عجلة الإنتاج نسبياً خلال الفترة الماضية؛ لجأ محتالون إلى ابتداع أساليب مختلفة للاحتيال؛ للحصول على المال، والاستيلاء عليه بطرق ملتوية، ممن تسقطهم الغفلة، من دون تفكير أو تدبر في فخ تصديق البشارات الزائفة التي يسوقها هؤلاء، آملين نيل ما يلوحون به كذباً.

وفي التحقيق الآتي، نستعرض بعض صور الاحتيال، مع بيان الدور الواجب على الجهات كافة القيام به؛ للتصدي للاحتيال، ومواجهته بحسم وحزم:
الحقيقة وبشكل عام وفقاً لتوضيح يضمه مرجع موثق من عبد النور سامي مستشار أمن معلومات، وخبير تحليل وتطوير أداء الأفراد، قد يقوم البعض بانتحال هويات شخصيات مشهورة، ويتحدث الواحد منهم على أنه فلان الفلاني؛ عبر حسابه الذي قد يكون موثقاً على وسائل التواصل الاجتماعي، في حين هو من خارج منطقة الخليج، وليس لديه أي تواصل داخلها، وقد يقوم هذا الشخص أو غيره بطلب مبالغ؛ لمساعدة آخرين في حاجة كما قد يدعي، وقد يقوم بعض هؤلاء بعرض منتجات للبيع قد تكون مزيفة ومغشوشة، مستغلين حاجة البعض الماسة لشيء ما، ويحتالون بالفعل عليهم، مستغلين شدة حاجتهم، فيما قد يساعدهم البعض ممن يعملون معهم في الخفاء، بإقناع المغرر بهم، بأنهم سوف يخسرون إن رفضوا شراء هذا المنتج أو ذاك، وأنها فرصة لا تعوض.

ومن صور الاحتيال وخدع اصطياد الضحايا أيضاً، يوضح: إنه قد يتلقى الفرد اتصالاً هاتفياً من شخص مجهول يبلغه فيه أنه ربح مثلاً مبلغ 100 ألف درهم، في جائزة عشوائية، وقد ينتحل صورة أو اسم محل تجاري ضخم، أو جهة حكومية، ويخبره أنه لكي يحصل على الجائزة، فعليه دفع مبلغ كذا كرسوم معينة، لتحويلها من خلال الصرافة.
وربما تصل الفرد رسالة عبر خاصية ال«واتس أب» للاتصال بالرقم الفلاني؛ للحصول على الجائزة التي فاز بها، فضلاً عن إمكانية ورود اتصال أو رسالة من مجهول فحواها «حولت لك بالغلط مبلغ كذا، وعليك إرجاعه»، أو ربما – بصورة أخرى- يتلقى الفرد مبلغاً مالياً على حسابه البنكي، يليه اتصال يطلب فيه المتصل استرجاع المال، الذي يدعي أنه أُودع للمتلقي بالخطأ، وقد يعطيه حساباً مختلفاً عن الذي وصله منه المبلغ ( في حال كان التحويل من حساب إلى حساب) وليس إيداع «atm»، ويقول له: أعد إلينا المال، ونعتذر عن التحويل بالخطأ، وربما يقول له لا بأس اخصم جزءاً من المبلغ؛ جزاء لأمانتك، وهو في الواقع يريد أن يحتال عليه بإيهامه بأنه عميل لديهم، أو ليقول إنه تاجر، وأخذ عمولته، أو ليحفزه على هذا العمل مجدداً، وهذا الفعل الاحتيالي تحديداً يُسمى «غسل الأموال».
الاحتيال والنصب الإلكتروني أضحى يشكل شبه ظاهرة تنامت مع بروز أزمة كورونا، مع استغلال المحتالين لحاجة البعض المادية، وتعدد صوره، وطرقه من إقناع، وخداع، وتفاوض، ومهارات تسويق.
الحيطة والحذر
ويستكمل عبد النور سامي حديثه بقوله: خدع الاحتيال تدر دخلاً على المحتالين والنصابين سواء الذين يعملون بشكل مستقل، أو ضمن عصابات منظمة، ومسار الأموال يتجه عادة لأمور غير مشروعة؛ أبسطها هو غسل الأموال، وقد تصل إلى دعم وتسليح بعض العصابات الإجرامية أو الإرهابية، والمتضرر هو الفرد أولاً وأخيراً، وقد يعيش فترة يعاني نفسياً ومادياً تبعات الخدعة، التي تفقده ثقته بنفسه، فيما الإنترنت وسيلة تسهل الوصول إلى الكثيرين، سواء بالنفع أو الضرر، وتكون طرق النصب في الإنترنت عبر البريد الإلكتروني، أو المواقع التي تظهر فجأة أثناء التصفح، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثل: «إنستجرام» و«فيسبوك»، مضيفاً في مرجعه التوثيقي: لم تعد هنالك رقابة ضمير ولا أمانة بين العديد من النفوس التي لا يهمها سوى جمع المال بلا أي مبالاة، ولا اعتبار لظروف الآخرين، مبررين النصب والاحتيال بأنهما سرقة بطريقة احترافية وخبيثة، وذكية.
وأحد طرق الاحتيال هي الاستعطاف، وادعاء الوقوع في مشكلة، وطلب سلفة ( قد يقوم بها الذكور أو الإناث ) على حد سواء، وقد تحدثت فيها الناشطة الاجتماعية كوزمو وشارك العديدون قصصهم ذكوراً وإناثاً، ووجدت تشابهاً كبيراً في السيناريوهات، مثل: (أمي مريضة، أو أمر بأزمة مالية وأنا غني، أو سوف أرجع لك المبلغ في أقرب وقت)؛ حيث يقوم هؤلاء باستعطاف الناس، ولا يعودون للتواصل مع الشخص الذي احتالوا عليه مجدداً، وقد يكون التواصل ابتداء من أسبوع ليمتد إلى شهور؛ حيث البعض قد يقوم بإقامة علاقات عاطفية متعددة، ويوهم الشخص الآخر بالحب، وربما الزواج؛ من أجل الوصول إلى أمواله؛ لذلك أدعو الجميع لأخذ الحيطة والحذر من العلاقات العاطفية، والابتعاد التام عن إنشاء علاقات عبر الإنترنت، وتجنب العلاقات المشبوهة على أرض الواقع بكل الأشكال، كذلك لا يجب أن يتيح الفرد بيانات حسابه البنكي لعموم الناس، إلا لمن يريد تحويل مبلغ مالي له، وليكن ذلك موثقاً؛ ليتجنب أي شبهات وبالأخص غسل الأموال، وفي حال استلامه أي مبلغ بالخطأ عليه ألا يرجعه لمن ادعى إرساله إليه، وإنما عليه الاتصال بالبنك فوراً وهم سوف يتصرفون سواء كان الشخص مخطئاً بالفعل، أو كان الأمر له علاقة بغسل الأموال؛ حتى لا يكون له أي دور في هذه الجريمة، لاسيما وأنه بإبلاغه السلطات؛ يعفي نفسه، ويبرئ ذمته من أي تبعات قانونية؛ لذا فتوثيقه المراسلات من الضرورة بمكان؛ لاستخدامها عند المثول أمام القضاء وخلافه.
ومن المفترض أن تقوم الجهات الحكومية بتوعية مكثفة ضد النصب والاحتيال، بما فيها الوزارات، والجهات التعليمية، وأولياء الأمور، والشركات الخاصة أيضاً.المصدر : الخليج

اترك رد