وأكدوا على ضرورة ابتكار طرق تدريب وعمل تحاكي الواقع الافتراضي في ظل استدامة العمل عن بُعد التي أفرزتها أزمة كورونا الحالية، وضرورة اتخاذ إجراءات الحماية التقنية في ظل غياب المركزية ضمن العمل عن بُعد.
فيما يتجه المجلس الوطني إلى مناقشة قوانين تنظم حقوق وواجبات العمل عن بُعد، وأكد عضو المجلس الوطني الاتحادي ضرار بالهول الفلاسي، أنه آن الأوان لسن قانون ينظم ويرتب إجراءات وآلية وخصوصية العمل عن بُعد، مع تحديد الحقوق والواجبات وتنسيق العمل بين صاحبه والموظف.
ولفت إلى أنه سيتم طرح هذا الموضوع للنقاش في اجتماع المجلس الوطني في ظل التوجه لاستدامة هذا التوجه، وتمخض الحاجة لتنظيم آلية العمل والتعليم عن بُعد، والوقوف على جاهزية جميع الأطراف لهذا الإجراء، مشيراً إلى عدم إمكانية فرض توجه العمل أو التعليم عن بُعد دون التأكد من الجاهزية المطلقة للتنفيذ في كل القطاعات ومن قبل جميع الأفراد.
سوق العمل عن بعد
وفي هذا الصدد، عبّر أستاذ المالية العامة في كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية والخبير المالي الدكتور عبدالله العوضي، عن الحاجة إلى جهود مشتركة من الهيئة الوطنية الاتحادية للموارد البشرية والتوطين وكذلك الجهات المختصة لتنظيم سوق العمل عن بُعد وحمايته، في ظل توجه الشركات نحو الاستغناء عن الموظفين والعمل مع متعاونين «فري لانس» بعقود خارجية.
وأضاف أنه يتوقع اعتماد العمل عن بُعد في بعض الأعمال التي لا تتطلب الحضور الدائم أو التواصل المباشر مع الجمهور، ما سيخفف من ميزانيات الدوائر والجهات الحكومية، مشيراً إلى أن من يمتلك المهارات من المواطنين أو المقيمين سيتمكن من العمل بشكل جزئي مع الوزارات والشركات.
ولفت إلى الجوانب السلبية جراء هذا النظام والتي تنعكس في تخفيض الموازنات، واختفاء بعض أنواع الأعمال التجارية لعدم وجود طلب عليها كمراكز التدريب وشركات تنظيم الفعاليات، واختفاء وظائف وظهور أخرى معظمها قائم على التعاقدات الخارجية «أونلاين».
ويتوقع العوضي أن يتم تفعيل العمل الحر مع متعاونين وليس موظفين وفق عقود، ما يخلق مشكلة تتلخص في من سيقوم بتنظيم العمل ويضمن الاستحقاقات والحقوق، قائلاً إن العمل عن بُعد سيؤثر على تخفيض الأجور في ظل تفضيل رب العمل التعاقد مع موظفين خارجيين برواتب أقل.
وعن أزمة كورونا، قال العوضي إن أرباب العمل حولوا التحدي إلى فرصة لرفع الطاقة الإنتاجية وتقليل التكاليف وفتح أبواب اقتصاد جديدة، مؤكداً أن مبادئ الثورة الصناعية الرابعة في كل المجالات تحتاج لتطبيق على عجالة، لأنه المستقبل لا محالة.
خطوة مستدامة
وأوضح مستشار التنمية البشرية سعيد بالليث الطنيجي أن دولة الإمارات أخذت هذه الخطوة للعمل عن بُعد، متوقعاً أنها من الخطوات المستدامة في ظل النجاح المحقق.
وقال إن الإمارات امتلكت الآلية التي ساعدتها في النجاح في تطبيق نظام العمل عن بعد، خاصة أن الدولة جهزت البنية التحتية الإلكترونية لإنجاز المعاملات عن بعد في معظم الإدارات والجهات، ما سيسهم في اعتماد هذه الآلية مستقبلاً.
ونوه بأن أبرز الإيجابيات التي رُصدت عبر تطبيق العمل عن بُعد تتجلى في توفير الاستعداد للـ50 عاماً المقبلة، ورفع الجاهزية لمواجهة أي طارئ وحله من البيت، واستغلال التكنولوجيا في أوجها، ونجاح الدولة في توفير التعليم عن بعد لتجهيز أجيال كفؤة ومؤهلة للتعامل مع التطبيقات والبرامج الذكية، وفق أعلى معايير للاستعداد للمستقبل وسوق العمل مستقبلاً.
ولخص الطنيجي عن الآثار السلبية للعمل عن بعد في عدم استعداد بعض شرائح المجتمع تقنياً، كعدم امتلاكهم أجهزة كمبيوتر ومعرفة بالتقنية الحديثة المطلوبة، وصعوبة التعامل مع الأعطال التقنية التي قد تطال أنظمة العمل عن بُعد.
حتمية العمل «أونلاين»
ومن جهته، أكد مستشار وخبير موارد وتنمية بشرية حمد الجابري، أن مرحلة ما بعد كورونا ستفرض استمرار العمل عن بُعد وسيترتب عليه بعض السلبيات والإيجابيات، ولكن سيتم إيجاد حلول للسلبيات وتجاوزها.
وعدد الجابري أبرز إيجابيات العمل عن بعد، والتي تمثلت في توفير الموارد البشرية لجهات مختلفة عبر توجه الموظف لتنفيذ الأعمال لجهات متعددة من منزله، وبالتالي يتم الاستعانة بشخص واحد لأكثر من جهة، فضلاً عن الكشف عن حاجة العمل عن بعد للغوص بشكل أكبر في عالم التقنيات، وضرورة ابتكار طرق تدريب وعمل تحاكي الواقع الافتراضي خاصة في الوظائف التي تعتمد على المختبرات كالعاملين في حقول البترول مثلاً، وفرض التوجه للبحث عن فرص عمل مستحدثة.
كما فرض العمل عن بعد ضرورة اتباع آليات لقياس أداء الموظف بالاعتماد على الإنتاج وليس ساعات جلوسه في المكتب.
وبالنسبة لسلبيات العمل عن بُعد، فقال الجابري إنها تنعكس في رفع نسبة البطالة للمختصين في الأعمال المكتبية، وصعوبة قياس إنتاجية الموظف، وعدم ضمان الحقوق.
ومن جانبه، يرى مدرب تنمية موارد بشرية الدكتور شافع النيادي، أن «العمل عن بُعد» تم تطبيقه في الدولة، وشهدت الفترة الماضية أن معظم الجهات لم تواجه مشاكل في تطبيق هذا التوجه، لأن البنية التحتية متوفرة ما سيدعم الاستمرارية في هذا التوجه.
وأوضح أن هذا النظام يبرز بعض السلبيات ومنها: قلة الجودة الإنتاجية، لذا حافظت بعض الجهات الحكومية على نسبة تواجد في مقار العمل.