احذر.. «المكالمات الاستدراجية» فخ المحتالين للحصول على بيانات الهوية
تلقّى عدد من مستخدمي الهواتف الذكية اتصالات استدراجية من أرقام محلية، تطلب منهم التحديث الفوري لبياناتهم المسجلة لدى شركات الاتصالات، بالحصول على صورة عالية الجودة من بطاقة الهوية أو قطع الخدمة عنهم، ويكون المستخدم في تلك الحالة مخيراً، حسب المكالمة، إمّا باستعراض بيانات الهوية الشخصية للمتصل، أو إرسال صورة منها على برنامج التواصل الاجتماعي «واتساب» لسرعة تحديث البيانات، أو إغلاق الخط والاتصال بالجهات الشرطية.
وسجلت «الرؤية» بلاغاً ضد بعض هذه الأرقام في خدمة «أمان» التابعة لشرطة أبوظبي، وهي معنية بجرائم النصب والاحتيال، بالتوقيت وزمن الاتصال المشبوه.
وحسب خدمة العملاء التي راجعتها «الرؤية»، لا تطلب شركات الاتصالات في الدولة أي تحديث بيانات لعملائها على الهاتف مطلقاً، لكن هذا الإجراء يتطلب حضور المتعامل إلى فرع إحدى الشركات، وإحضار الهوية الشخصية مع أخذ بصمة المتعامل على صحة بياناته.
مكاسب احتيالية
وتفصيلاً، حدد خبراء في تقنية المعلومات 5 احتمالات يمكن من خلالها للمحتالين الاستخدام السيئ لبطاقة الهوية أو أرقامها والبيانات الشخصية التي يحصلون عليها، مما يؤدي إلى توريط العملاء لاحقاً في قضايا قد تكون جنائية، وعلى رأسها طلب قروض بنكية أو بطاقات ائتمانية باسم صاحب الهوية الأصلية، أو استخراج شريحة اتصالات باسم الضحية، أو تحويل الأموال للداخل والخارج وغيرها.
وأكد مستشار أمن المعلومات وخبير تطوير الأداء التقني، عبدالنور سامي، أن الحصول على البيانات الشخصية للعملاء أو صورة من الهوية الشخصية، يتيح لعصابات متخصصة في الاحتيال طلب قروض بمساعدة مندوبيهم من بعض البنوك، أو الحصول على بطاقات ائتمانية، أو تحويل أموال من وإلى الدولة باسم الضحية، أو إلصاق جريمة إلكترونية باسم الضحية مثل السطو على حسابات وغيرها، أو استخراج شريحة «سيمكارد» من شركات الاتصالات باسم صاحب الهوية واستغلالها في توريطه.
وأضاف سامي أن الحصول على تلك البيانات يعتبر بمثابة «مصباح علاء الدين» لتلك العصابات المتخصصة في الاحتيال، ويفاجَأ الضحية بأن عليه عدداً من القضايا قد تصل إلى الجنائية، لم يقترف أياً منها.
وقال إنه إذا اضطر شخص لإعطاء صورة من الهوية لأي غرض، يجب عليه أن يكتب بشكل واضح، تاريخ منح صورة الهوية والغرض الممنوحة له، بحيث تكون ورقية وليست نسخة إلكترونية، محذراً من إرسال صور الهوية بـ«واتساب» لأي شخص آخر، لأنها تعتبر بمثابة توقيع على بياض لمجهولين.
خطورة الاستسهال
وأكد خبير تقنية المعلومات في إحدى الجهات المصرفية محمود عبدالدائم، أنه ينبغي على العملاء عدم منح البيانات الشخصية كاملة لمجهولين، حتى وإن كان يتعامل معهم بشكل دائم كالمطاعم وغيرها من الجهات، لأن هذه البيانات قد تٌستغل لاحقاً.
ونوه بأن البعض يستسهل تسجيل البيانات ويمنح المتصل أو بعض الموظفين صورة إلكترونية من بطاقة الهوية، ما يمثّل خطورة كبيرة إذا كان هذا الشخص سيئ النية أو متصلاً بأي عصابات إجرامية، تحترف توريط الضحايا للحصول على مكاسب مادية.
«خلك حذر»
وتستمر الجهات الشرطية، لا سيما إدارات التحريات والتحقيقات الجنائية، في تحذيرها التوعوي لأفراد المجتمع، في ظل تنامي عدد ضحايا النصب الهاتفي، حيث إن الإطاحة بمجرمي النصب الهاتفي لا تكتمل إلا بتكاتف المجتمع.
وحذرت شرطة أبوظبي من خلال حملات توعوية، منها حملة «خلك حذر»، من التعامل مع آخرين لا علاقة له بهم، محذرة من عمليات الاستدراج أو التغرير لتجنب وقوعهم ضحايا النصب الهاتفي، مشيرة إلى أن من أهم الخطوات التي يجب اتخاذها، عند وقوع شخص ما ضحية لنصب هاتفي، سرعة إبلاغ الشرطة، علماً بأن هناك فرقاً متخصصة تستقبل مثل هذه البلاغات وتضطلع بمهمة البحث وصولاً إلى المشتبه بهم، فإذا وقع أي شخص ضحية لنصب هاتفي، عليه الاتصال على الهاتف المجاني لخدمة «أمان» الإلكترونية 8002626 التابعة لشرطة أبوظبي، أو مراجعة مراكز الشرطة.
محاولات استدراج
وحسب متعاملين واجهوا حيلة «الاتصالات الاستدراجية»، يكون المتصل عادة من جنسية آسيوية، ويطلب من المتعامل التحديث الفوري للبيانات، مهدداً بقطع الخدمة.
وقال فداء كرم إنه واجه هذا الاتصال مؤخراً من رقم محلي يطلب منه تحديث بيانات الهاتف، لكن المفارقة أن رقم المتصل لا ينتمي للشركة التي يدّعي أنه ينتمي إليها، وبسؤاله عن ذلك تلعثم وقرر إغلاق الخط.
أما ناجي السيد، يقول: ترددت في منح بياناتي الشخصية أو إرسال صورة الهوية للمتصل بعدما شككت في الأمر، وبمواجهته وإخباره أنني سأقوم بإخبار الشرطة بادر بإنهاء المكالمة فوراً.
وأكد محمد فارس أنه يتعامل مع أسماء المطاعم والجهات غير الرسمية بحذر شديد، ولا يمنحهم الاسم كاملاً، بسبب تخوّفه من إعطاء أي بيانات عبر الهاتف، لا سيما أنه تلقى رسائل على برنامج واتساب تفيد بالدخول إلى الروابط لتحديث بياناته، إلا أنه لم يستجب لها.
تحذير وحماية
بدورها، حذرت الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات من أي اتصالات مجهولة بأسماء شركات أو جهات بنكية معتمدة في الدولة، تطلب من المستخدم الإدلاء ببيانات شخصية أو معلومات شخصية خاصة بالمستخدم مع أي شخص أو جهة، مطالبة المشتركين في خدمات الاتصالات بعدم مشاركة بياناتهم الشخصية مع مجهولين، تجنباً للوقوع ضحايا لعمليات احتيال.
وحسب الهيئة، تم إحباط أكثر من 312 ألف هجمة إلكترونية على مواقع إلكترونية في الدولة خلال النصف الأول من العام الجاري، وذلك بعد تصاعد الهجمات من جانب مجرمي الإنترنت، الذين يحاولون استغلال تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد.
وشددت على أهمية الحفاظ على سرية المعلومات والرسائل الشخصية على الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر، وعدم مشاركة البيانات الشخصية إلا بعد التحقق من هوية الأشخاص الذين تتم المشاركة معهم وأهداف ذلك، حتى لا يقعوا في فخ عمليات احتيال أو استخدام للبيانات لأهداف غير مشروعة.